fbpx
الحراك الجنوبي بين السيوف الذهبية والقاعدة

بقلم : عبدالسلام بن عاطف جابر

ماذا لو قلت لكم أن القاعدة تم تفعيلها وتدعيهما في الجنوب منذ ٢٠٠٩ للقيام بمهمة قتل الحراك الجنوبي ، هل تصدقون…؟ .. وماذا لوقلت لكم أن سقوط أبين -٢٠١١- في يد القاعدة كان نتاج غباء الحراك الجنوبي . . . على افتراض أن الحراك خطط يوماً من الأيام لفرض واقع على الأرض بتحرير أبين وتأمينها والثبات عليها ، كون أبين مربع جغرافي مؤثر ؛ قريب من خطوط الملاحة فيضطر المجتمع الدولي للتعاطي مع القضية الجنوبية بعناية وحيادية ؛ وأبين متعددة المداخل والمخارج ؛ قلب دولة الجنوب والموقع الأول لتثبيت التسامح والتصالح ؛ تجانس سكانها وجميعهم في الحراك مايؤدي إلى تأمينها وضبطها سريعاً ؛ وقربها من الجبال يُسهل حمايتها وتموينها .

حينها و بعَتَه المغرور ذهب بعض الحراكيون إلى جهاديين سابقين ممن شارك في حرب ١٩٩٤ وأخبروهم نواياهم . . . اعتبروهم جنوبيي الهوية ، ولم يدركوا أن هؤلاء هويتهم جيوبهم -المال . . . مرتزقة يعملون لدى علي محسن الأحمر وغالب القمش . . . وانتهى كل شيء بضربة استباقية قام بها الذراع الإرهابي للنظام وتم تشريد السكان وتدمير البلاد وقطع دابر الحراك في أبين ، ولم تقم مسيرة سلمية واحدة بعدها .

هل يصدق القارئ هذا الكلام …؟

لِمَا لا ؛ يمكن أن يفكر مؤسسو الحراك الأوائل بهذه الطريقة .

وماذا لو قلت لكم أن قائلاً يقول : أنَّ أنصار الشريعة في أول يوم من سقوط أبين كانوا يسمون أنفسهم “أنصار السنة” وفي جدال شديد بينه وبينهم قال لهم : اتركوا اللعب على الدقون ، إذا كنتم أنصار السنة فنحن في الحراك الجنوبي “أنصار الكتاب والسنة” فمن أنتم…؟ ومن تتبعون…؟  وأي علمٍ سترفعون…؟ أمامكم علمين جنوبيين علم اليمن الديمقراطية أو علم دولة الاتحاد أرفعوا أحدها ونبقى إخوة ، وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حكمٌ بيننا . . .  فبُهِت الذين ارتزقوا .

فهل تصدقون هذا الكلام …؟

بالنسبة لي أعتبره ممكن الحدوث .

وإذا قلت لكم أنَّ الكثير من قطاع الطرق والصعاليك والهاربين من أحكام جنائية انضموا إلى انصار الشريعة بالأجر اليومي في ذلك الوقت , مايعني أنهم بعيدون عن الدين . . . وساندهم بالكلمة أزلام علي محسن الأحمر في الحراك الجنوبي بل وغرَّرُوا بكثير من شباب الحراك ودفعوهم للانضمام إليهم . . . وإذا قلت لكم إن اللواء محمد ناصر أحمد وزير الدفاع أدرك الكمين الذي أُعِد للحراك ، فسعى بجهد كبير لإخراج المغرر بهم من مشاهير الحراك من أبين ، بل ودفع لبعضهم أكثر ممادفعه لهم علي محسن .

هل تصدقون ذلك …؟

بالنسبة لي أجده منطقياً واللواء محمد ناصر ليس قيادي حراكي ولكنَّه أراد حقن دماء المغرر بهم .

الخلاصة ، أو الرسالة من وراء ماسبق هي ؛

أيُّها الجنوبيون ؛ في الحراك وخارج الحراك أنتم الهدف من كل أعمال هذه الفئة ؛ لقد وُسِم الحراك في ٢٠٠٩ بالحراك القاعدي ؛ واستنفذنا سنوات للتخلص من هذا الوسم ؛ دمَّروا الجنوب ؛ في كل منطقة يتواجدون فيها يتوقف الحراك أو يُعطَّل ؛ قتلوا قيادات جنوبية تنفيذاً لأوامر اسيادهم في صنعاء ؛ تذكروا سالم قطن وعمر بارشيد ومحمد محسن المرفدي وغيرهم من أبرز الكفاءات العسكرية من أبنائكم . . . فلايخدعونكم اليوم .

وما يؤكد الخلاصة التي خرجت بها هي أحداث اليوم ، ولنقرأها بتسلسل ؛

تمت الدعوة إلى مليونية المكلا . . . فقام أزلام النظام المدسوسين في صفوف الحراك لحرف الدعوة وتمزيق الشارع الجنوبي ودعوا إلى مليونية في عدن ، فأخزاهم الله ، وانتصر للشعب الجنوبي ، وكانت مليونية المكلا ٢٧ أبريل أعظم حشد شعبي جنوبي في تاريخه حتى اليوم . تناولت كل وسائل الإعلام العالمية الحدث ، ما أنذر بحراك إعلامي عالمي ، يتناول القضية الجنوبية من كل جوانبها قد يستمر طويلاً . . . فتحركت القاعدة لتسحب الأضواء الإعلامية عن مليونية المكلا . . . ونجحت .

غضب الرئيس هادي  -ولانعلم سبب غضبه-  وقرَّر اجتثاث هذا الورم السرطاني  من البلاد . . . يمكن اعتباره تحرك جنوبي في السلطة . . . قابله تحرك شمالي كذلك في السلطة  ؛ عندما تقدم علي محسن الأحمر وحزب الاصلاح بمبادرة لوقف الحرب (نقل الخبر صحف عربية عديدة) رفض الرئيس هادي الوساطة ورفض استقبالهم ، وعقد العزم على نزع هذا الخنجر المسموم في ظهره .

فاحتدم الخلاف وكان على وشك الانفجار في صنعاء . . . فتحرك علي محسن الأحمر يوم الخميس الماضي إلى السعودية لتبرير موقفه المعارض لضرب القاعدة . . . وتحرك الرئيس هادي بكل قوته إلى ساحة المعركة ؛ اللواء محمد ناصر وزير الدفاع – اللواء محمود الصبيحي قائد المنطقة الرابعة – تقاعس العميد محمد الجماعي (شمالي) عن واجبه فتم تهديده بعزله وتعيين العميد فيصل رجب (جنوبي) وفي علاج سريع للموقف تحرك قائد المنطقة الثالثة من مأرب اللواء أحمد سيف المحرمي إلى شبوة لقيادة العمليات .

وهنا نتوقف وقفة بسيطة للتأمل  ؛

الرئيس هادي قال ٧٠٪ من القاعدة غير يمنيين . . . وعلي محسن تحرك بوساطة إلزامية ورفضها هادي . . . وفجأة يظهر القيادي في تنظيم القاعدة جلال بلعيد المرقشي ليُكذِّب الرئيس هادي ويُعزِز موقف علي محسن , فقال : أن من يقاتل هم أبناء قبائل المنطقة وليسوا أجانب “كرَّرها عدة مرات” يعني عناصر تنظيم القاعدة جنوبيين , والارهاب جنوبي وفي الجنوب  . . . . وفي اجتماع  قبلي في شبوة  -حضره بعض قيادات القاعدة- صدر بيان يندد بردة فعل الجيش ويهدد بالانتقام ….!!!!!

إذاً ؛ فالهدف الجنوب .

فأين تداعيات الحشد العظيم  -مليونية ٢٧ أبريل- في المكلا…؟  انتهت , لم يعد يذكرها أحد . . . تحولت كل برامج الإعلام العالمي من تغطية  فعل جنوبي وطني قام به  “ملايين المواطنين”  إلى فعل إرهابي جنوبي يقوم به المئات يدَّعون أنَّهم جنوبيين .

ختاماً أقول :

لو كنت ذا كلمة مسموعة في القوم لقلت التالي ؛

–  على العقلاء في تنظيم القاعدة رد سفهائهم إلى جادة الطريق فلا يكونوا أدوات لتدمير البلاد وقتل المواطنين الأبرياء في الجنوب . . . فالجنوب ليست أرض جهاد ولايوجد فيها صليبيون . . . وإذا عرفوا بوجودهم ينشروا قوائم بأسمائهم والشعب الجنوبي سوف يخرجهم من البلاد درأً للفتنة . . . وبوابة تحرير فلسطين ليست الجنوب ، بل هي (مصر وسوريا) كما قال أعظم ماريشالات جيوش المسلمين المغفور لهما بإذن الله صلاح الدين الأيوبي وسعد الدين الشاذلي . . . فإذا لم يمتثلوا فعلى الشعب قتالهم .

– نظرية [عدو عدوي صديقي] لا تستقيم في هذا الموقف فالرئيس هادي وكل القادة الذين ذكرنا أسماؤهم أهلنا وإخوتنا ، اختلفنا معهم في جزئيات سنتفق عليها يوماً ما ، ومن عاداهم عادنا . . . وانتصارهم يستفيد منه الجنوب بتطهير سمعته وحماية ثورته السلمية .

– القاعدة الشرعية [الظفر] لا تستقيم في هذا الموقف ، لأن تنظيم القاعدة ومن معها كوسيلة غير شرعية  لاتساعدكم في الظفر وتحرير الجنوب بل تُدمِّر الجنوب وتظفر به من يد الرئيس هادي (جنوبي) إلى يد علي محسن الأحمر . . . فهناك صراع  داخل جهاز السلطة بين جنوبيين بقيادة الرئيس هادي وغير جنوبيين بقيادة علي محسن والرئيس صالح وحميد الاحمر . . . فإذا لم نكن مع الرئيس هادي فمن العار أن نكون ضده .

– كل من يحمي أو يأوي أو يتستر على هذه العناصر فهو يضر بالجنوب وقضيته العادلة ويشارك في تشويه ثورته السلمية . . . ويرسل رسالة للعالم مفادها ” الشعب الجنوبي متخبط في قراراته ولايستحق الحرية”

–  الأخلاق والقيم وحدة واحدة لايمكن تبعيضها في مكان وإجمالها في مكان آخر ؛ فمن كان مع حياة كريمة  للشعب الجنوبي يجب أن يكون مع حياة كريمة لكل شعوب الأرض . . . ولاتُطلب مصلحة لقومٍ بخلق مفسدة لآخرين . . .

هذا لو كنت صاحب كلمة مسموعة . . . فالحمد لله أني غير ذلك ، بل أنا سعيدٌ أني مواطن في غيابة الجب  -كحال الكثير من الجنوبيين-  لايسمعنا إلَّا من أرخى دلوه .

استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .