fbpx
تقرير: “سُبْلة العيد”.. إحدى طقوس الموظفين اليمنيين لتمديد إجازة العيد
شارك الخبر

يافع نيوز – الأناضول

تعارف الناس في العاصمة اليمنية صنعاء، وبعض مدن الشمال على مصطلح “سبلة العيد”، وتعني كلمة “سُبلة” في الّلهجة اليمنية الدارجة “الذيل”، والقصد هنا لا يعني، بطبيعة الحال، أن للعيد ذيلاً في اليمن، لكنها تأتي مقرونة بـ ”العيد” لتشير إلى لجوء الموظفين اليمنيين إلى تهذيب مصطلح “التسيّب” وإطالة مدة إجازة العيد، على ما هو مقرر رسمياً.
باتت “سبلة العيد” أو التغيّب المتعمّد عن الدوام الرسمي بعد إجازة كل عيد، عادة لدى موظفي اليمن، خصوصاً القطاع الحكومي، وفي حال حضر البعض منهم فإنه مجرد حضور للسلام والمصافحة على زملاء العمل فقط، وتبادل التهاني وتناول حلوى العيد، ثم ينصرفوا قبل الظهيرة إلى منازلهم.
ولم تفلح التهديدات والعقوبات التي تفرضها وزارة الخدمة المدنية اليمنية بحق المتغيبين عن الدوام الرسمي الذي تحدده الوزارة، في الحد من ظاهرة “سُبلة العيد” التي يختلف طولها من منطقة إلى أخرى، لكنها في الغالب تلتهم أسبوعاً كاملاً من الدوام المحدد للموظفين.

وبمجرد زيارة خاطفة لإحدى المؤسسات أو الوزارات الحكومية، تلحظ ضعفاً كبيراً في نسبة تواجد الموظفين، ولا غرابة أن يقول لك أحدهم “الناس عادهم معيّدين” بمعنى أن الموظفين ما يزالون يقضون الأوقات الإضافية للإجازة، أو ما اتفق على تسميته بـ ”سبلة العيد”.

هذه العادة السلبية تؤدي إلى توقف العديد من المصالح والمعاملات الحكومية، ومعاملات المواطنين وكثير من الأمور اليومية الهامة.
وكانت وزارة الخدمة المدنية في اليمن دعت، مطلع الأسبوع الجاري، موظفي الدولة، رؤساء ومرؤوسين، بضرورة الانضباط والتواجد في أماكن عملهم، يوم الأحد الماضي، كأول أيام الدوام الرسمي عقب إجازة عيد الفطر، محذرة بأنها ستتخذ الإجراءات العقابية اللازمة تجاه المتخلفين عن الدوام وفق للقانون.وتلجأ الوزارة إلى احتساب غياب اليوم الواحد بثلاثة أيام، أي أن الموظف المتغيّب لمدة أسبوع، مثلاً، يمكن أن يفقد ثلثي راتبه الشهري.

وتنظم الوزارة مع بداية كل دوام يعقب إجازة العيد، حملات تفتيش ميدانية لمراقبة مستوى الانضباط الوظيفي في وحدات الخدمة العامة في محافظات الجمهورية اليمنية.

لكن اللافت أن التقارير التي تصدرها وزارة الخدمة المدنية والتأمينات عن مستوى الانضباط الوظيفي كل عام تتجاوز الـ80% وهي نسبة مبالغ فيها وفقاً لمراقبين.

ويرى الخبير الاجتماعي ياسين التميمي أن مصطلح “سبلة العيد” له علاقة بالأداء المتثاقل للبيروقراطية التي كانت تدير مؤسسات الدولة في ظل النظام الإمامي الملكي الذي أطيح به في 26 سبتمبر/أيلول 1962، فالجهاز الإداري على محدوديته لم يكن ديناميكياً ولم يكن يتقيد بمعايير الوظيفة العامة بصفتها وسيلة لخدمة المواطنين وتلبية مصالحهم، بل كان الموظفون يكرسون فكرة الدولة بصفتها كائناً عُلْويّاً مقدساً وفوق المحاسبة.

ويتابع: “ولهذا غالباً ما كانت المعاملات تخضع لمزاج الموظف وليس لمعايير الواجب. لم تكن إجازة عيدي الفطر والأضحى في ذلك الوقت محددة بوقت معين، ولهذا كانت إجازة العيد مفهوماً مطاطاً يعتمد على إمكانيات الموظف أو المسئول في التواجد في منزله بعيداً عن الوظيفة العامة، وكان التأخير عن العودة إلى الوظيفة يبرر بأن الموظف أمضى ”سبلة العيد” المستحقة له عرفاً.

 

ويشير التميمي لوكالة الأناضول إلى أنه “يأتي ذلك فيما كان الناس بدورهم يطيلون البقاء في منازلهم في المناطق الريفية التي يسكنها معظم سكان البلاد، ولا يترددون على دوائر الدولة ومعظمها محاكم بطبيعة الحال. هذا التقليد انسحب بشكل كبير على السلوك الإداري لموظفي الدولة خلال العقود الخمسة الماضية من عمر الجمهورية”.

غير أن هذه الظاهرة – بحسب التميمي- بدأت تتلاشى بشكل ملحوظ هذه الأيام بسبب نمو وتضخم الجهاز الإداري، وزيادة حجم المعاملات، وقلة ذات اليد التي جعلت الموظف حريصاً على العودة إلى عمله، والهروب من الالتزامات المادية الثقيلة لإجازة العيد، ناهيك عن “سبلة” هذه الإجازة.
يقول المواطن فارس الحميري إن سبلة العيد ظاهرة مزعجة ومستفحلة في الدوائر الحكومية، وعودة الأوضاع إلى طبيعتها بحاجة إلى أسبوع إضافي على الأقل بعد انتهاء اجازة العيد الرسمية

ويضيف الحميري للأناضول “حصل في العيد المنصرم، أن كانت لدي معاملة في إحدى الدوائر الحكومية، وتأخرت لنحو ثلاثة أيام عن موعدها الطبيعي بسبب تغيّب الموظفين بعد إجازة العيد، ما اضطر أحد الموظفين إلى التوقيع بدلاً عن ثلاثة من زملائه المتغيبين”. هذا موضوع سبب لي ضياع الوقت، والاحباط المعنوي. يقول الحميري.

 

“غادة العبسي” موظفة حكومية قالت لوكالة الأناضول “سبلة العيد” مصطلح يطلقه الموظف الحكومي على إجازة يشرعها لنفسه بعد إجازة الأعياد الدينية، وتسهلها لهم المؤسسات الحكومية التي يعملون فيها، وتأتي هذه الاجازات من منافذ قانونية مثل إجازة مرضية أو إعتيادية أو طارئة أو مهمة عمل، في حين يعلم المدراء أنها إجازة “سبلة” غير قانونية، وإن اُلبست هنداماً قانونياً.

وتستطرد العبسي: “يأتي الموظف منّا بعد الاجازات العيدية ليجد مؤسسته خالية تقريباً من الموظفين، وتتعطل مصالح الناس وتتوقف معاملاتهم، خاصة في المؤسسات التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالناس وبمعاملاتهم.

وتتسبب “السبلة”- بحسب العبسي- في تعطيل هذه المصالح والتضييق على الناس، إضافة إلى المؤسسات الإيرادية التي تتوجب تقليل الاجازات وتكثيف العمل فيها، والتي تدعم الاقتصاد وتحرك عجلة المعاملات المالية.

وبرأيي، تقول العبسي إن هذه الممارسة السلبية مصدرها انعدام الشعور بالمسئولية والولاء الوظيفي، والاستهتار بمصالح الناس ومصالح المنشأة أو المؤسسة التي ينتمي لها الموظف، وليس الموظف وحده المسئول عن هذا الاستهتار، بل المدير او المسئول المباشر الذي يُشرعنْ لهذه الممارسة السلبية له ولموظفيه، من باب لي عنق القانون.

وترى الكاتبة اليمنية “صفاء الهبل” أن هناك صعوبة في تحديد ظهور هذا المصطلح، لكنه دارج وبشكل كبير لدى الناس في مدينة صنعاء، وغيرها من مناطق اليمن.

وتُضيف “الهبل” لوكالة الأناضول “سبُلة تعني ذيل، وفي صنعاء يُطلق على أي شخص سهل الانقياد؛ ويُقال “فلان سُبلة علان” أي يوليه التبعية المطلقة أو ملازم له بشكل دائم.

وتُشير “الهبل” إلى أن مصطلح ” سبلة العيد ” يشير إلى الأيام الإضافية التي تتبع اجازة العيد الرسمية لدى الموظفين، وهي ظاهرة سلبية جداً تدعوا للتكاسل والخمول، وظهرت منذ فترات طويلة، وهي أحد طقوس ما بعد العيد، وتتيح للموظف أو الطالب إجازة أطول. أي أنه يمكن القول أنها تسيب ما بعد إجازة العيد ويُكنى بـ ” سُبلة العيد”.

وكانت إجازة عيد الفطر الماضي بدأت في الثاني والعشرين من يوليو/تموز الماضي على أن تنتهي يوم السبت الماضي الموافق 2 اغسطس/ آب الجاري، لكن يبدو أن “سبلة العيد” ستمتد إلى يوم الأحد القادم 10 أغسطس/أب بزيادة 8 أيام إضافية على الاجازة الرسمية.

أخبار ذات صله