fbpx
الأزمة الأفغانية تخرج من بعدها العسكري إلى الإنساني
شارك الخبر

 

يافع نيوز – متابعات

تسلط المخاوف المتزايدة من موجة لجوء جديدة بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة في أفغانستان الضوء على تحول الأزمة الأفغانية من أزمة أمنية وعسكرية إلى عبء إنساني ستجد الأسرة الدولية نفسها مُجبرة على التعامل معه.

 

وفيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستستقبل اللاجئين المهددين من قبل طالبان، فإن تركيا شددت على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو على أنها لن تستقبل المزيد من اللاجئين الأفغان.

 

واعتبر ماكرون مساء الأحد أن وصول مهاجرين من أفغانستان إلى أوروبا بعد سيطرة طالبان على السلطة لن يكون بحجم تدفق اللاجئين بأعداد هائلة العام 2015 جراء الحرب في سوريا.

 

وقال الرئيس الفرنسي خلال مقابلة مع محطتي “تي.أف 1” و”أل.سي.إي”، “لا أظن أن الوضع الذي سنشهده يقارن بما حصل في 2015 لأن أفغانستان ليست سوريا ولأنه سبق أن حصلت تحركات كبيرة” لمهاجرين أفغان على مر السنين.

وأضاف “الأمر المؤكد هو أن عددا أكبر من الناس سيحاولون الوصول إلى أوروبا ما يشكل ضغطا على قدرتنا على الاستقبال”، في إشارة إلى تدفقات الهجرة غير القانونية.

 

وجدد ماكرون التأكيد على أن فرنسا ستستقبل الأفغان المهددين من قبل طالبان. وقال “هذا غير مشروط، علينا أن نفعله، وقد فعلناه دائما”.

 

وفي العام 2015 عرفت أوروبا موجة هجرة كبيرة جدا نجمت خصوصا عن الحرب في سوريا، ما أثار امتعاضا في أوروبا وفاقم الأزمة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول تقاسم هذا العبء.

 

أما على صعيد الأفغان الذين تريد فرنسا حمايتهم بسبب تعاونهم مع باريس في الماضي أو التزامهم بقضايا حقوق الإنسان، فقال ماكرون “ثمة آلاف عدة من النساء والرجال الذين يحتاجون إلى حماية”.

 

وأضاف “بذلنا قصارى جهدنا.. سنبني مع شركائنا من خلال التفاوض مع طالبان وهو أمر يفرض نفسه الآن، الحلول للسماح لهم بمغادرة كابول وأفغانستان والحصول على الحماية” في وقت أوقفت فرنسا جسرها الجوي الجمعة فيما توشك الولايات المتحدة على إيقافه.

 

والهجرة بطريقة غير قانونية مسألة حساسة في أوروبا ولاسيما في فرنسا قبل ثمانية أشهر من الانتخابات الرئاسية. وشدد الرئيس على أن الضغط المتوقع “يفترض أن تكون أوروبا منظمة بشكل أفضل”.

 

وتشكل الهجرة من الآن واحدا من المواضيع الرئيسية في الحملة الانتخابية المقبلة حيث بات ماكرون في مرمى الانتقادات بسببها.

 

وانتقد اليسار الفرنسي خصوصا ماكرون لأنه تحدث عن تدفق مهاجرين بطريقة غير قانونية من أفغانستان بعيد سقوط كابول في حين اتهمه اليمين بالسذاجة.

 

كما انتقد الرئيس الفرنسي ضمنيا الولايات المتحدة التي تستعين بدول أخرى لاسيما في البلقان لاستقبال الأفغان الذين تم إجلاؤهم، مما يسهل فعليا قدومهم المحتمل إلى أوروبا وليس إلى الولايات المتحدة.

 

وحذر من أن البعض “يصلون إلى دول البلقان… في بعض الأحيان بناء على طلب قوى أخرى. يجب أن نكون متطلبين جدا في هذا الصدد. أوروبا ستأخذ نصيبها، ولكن لا يمكنها أن تأخذ نصيب الجميع”.

 

التشبث بأمل الخروج يكون أفضل من حكم طالبان

ودعا ماكرون الأمم المتحدة إلى مساعدة الدول المجاورة لأفغانستان حيث يوجد أكبر عدد من اللاجئين. وقال الرئيس الفرنسي “في باكستان وإيران، هناك الملايين من اللاجئين. ما يجب أن نفعله هو أن نضع أنفسنا في وضع يمكّننا من مساعدة هذه الدول على تحقيق استقرار هؤلاء السكان… في إطار الأمم المتحدة”.

 

وردا على سؤال حول خطر إرهابي متزايد بعد سيطرة طالبان على الحكم والتي سبق أن أوت إرهابيين، شدد ماكرون على أنه “يجب أن نبقى حذرين”، مؤكدا أيضا ضرورة عدم “الخلط” بين الخطر الإرهابي والهجرة.

 

وقال “في السنوات الأخيرة أتت الاعتداءات عموما في فرنسا من أفراد معزولين تأثروا بمضامين خارجية وليس من مؤامرات تحاك من الخارج”. وأضاف “لقد عززنا وسائلنا ونعمل مع شركائنا ومع الدول التي يضربها الإرهاب” مثل العراق.

 

ولا يزال ملف اللاجئين يؤرق العديد من الدول على غرار تركيا التي لطالما حاولت استغلال هذا الملف كورقة ضغط في علاقتها بالغرب وأوروبا خصوصا.

 

وقال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إثر محادثات أجراها مع نظيره الألماني هايكو ماس إن تركيا لا تستطيع تحمل عبء المزيد من المهاجرين من أفغانستان.

 

وأوضح جاويش أوغلو أن “أوروبا ودول المنطقة ستتأثر أيضا إذا تحولت الهجرة من أفغانستان إلى أزمة وإنه ينبغي تعلم الدرس من أزمة اللاجئين السوريين”.

 

وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الألماني “نحن في تركيا قمنا بمسؤولياتنا الأخلاقية والإنسانية بشكل كاف في ما يتعلق بالهجرة… غير وارد على الإطلاق بالنسبة إلينا تحمل المزيد من أعباء اللاجئين”.

 

وتستضيف تركيا حاليا 3.7 مليون لاجئ سوري في إطار اتفاق تم توقيعه مع الاتحاد الأوروبي في العام 2016.

 

وقال ماس إن ألمانيا “ممتنة لتركيا لعرضها مواصلة المساعدة في إدارة مطار كابول بعد انسحاب حلف شمال الأطلسي”، في إشارة إلى العرض الذي أطلقته أنقرة لتأمين وتشغيل مطار حامد كرزاي الدولي بالعاصمة الأفغانية، مضيفا أن ألمانيا مستعدة لدعم ذلك ماليا وتقنيا.

 

وتابع في بيان “من مصلحتنا ضمان ألا يؤدي الانهيار في أفغانستان إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها”.

 

ويزور ماس تركيا ضمن جولة تشمل أيضا أوزبكستان وطاجيكستان وباكستان وقطر لإظهار دعم ألمانيا للدول التي من المرجح أن تعاني من تداعيات الأزمة في أفغانستان.

 

مولود جاويش أوغلو: تركيا لا تستطيع تحمل عبء المزيد من المهاجرين من أفغانستان

 

وكان الرئيس التركي قال إن بلاده تستضيف حاليا حوالي 300 ألف لاجئ من أفغانستان وليس 1.5 مليون كما تقول أحزاب المعارضة سابقا، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.

 

وأضاف أردوغان أنه “يوجد حاليا 300 ألف لاجئ أفغاني في تركيا، مسجلين وغير مسجلين. لسوء الحظ، الأرقام التي يدعيها كل من حزب المعارضة الرئيسي وحزب معارض آخر هي أكاذيب”.

 

وشدد على “إنهم (أحزاب المعارضة) مازالوا يتحدثون عن صفقة لاجئين، على الرغم من نفي الولايات المتحدة المزاعم”، في إشارة إلى ما أدلى به زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو في وقت سابق في أغسطس بأن أردوغان دخل في صفقة مع الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماعهما الأول في يونيو للسماح لمليون أفغاني بدخول تركيا.

 

وأعلن الرئيس التركي الشهر الماضي أنّ تركيا ستجري محادثات مع حركة طالبان كجزء من مفاوضات السلام، مضيفا “لماذا؟ لأننا إذا لم نتمكن من إرساء هذا التواصل على مستوى عال، فلن يكون ممكنا هذه المرة توفير السلام في أفغانستان”.

 

ولا يشغل ملف الهجرة تركيا وفرنسا وأوروبا فحسب، بل أيضا دول الجوار التي شددت من إجراءاتها على الحدود قبيل سقوط كابول بيد طالبان.

 

وأكدت وزارة خارجية أوزبكستان أن البلاد لا تستقبل لاجئين من أفغانستان على أراضيها، موضحة أنها تقدم لهم المساعدة في العبور.

 

وقالت الوزارة في بيان نشرته الاثنين “وزارة الخارجية تجدد التأكيد على أن جمهورية أوزبكستان لا تقبل اللاجئين الأفغان على أراضيها،

ولكنها تقدم المساعدة في العبور، الذي يسمح لهم بالبقاء لفترة محدودة في البلاد”.

 

والأسبوع الماضي أعلنت أوزبكستان أنها أعادت 150 لاجئا أفغانيا إلى أفغانستان بموجب اتفاق مع حركة طالبان وبعد طلبات من اللاجئين أنفسهم.